بين أضلعي هاج بركان وتفجر =فأشعل النار بقلبي وقذف الشرر
وبالنياح نزل بقربي جارٌ من الطير=فقلت ما الذي ببالك خطر
فقال مزق أحشائي طول الهجر= وقلبي يخفق كأنه ناقوس الخطر
ولم أجد من صداقة عدوي مفر = ورق قلب حاسدي على حالي واعتذر
فقلت هون عليك أخي واصبر = لا يجدي البكاء ولا يدفع الموت طول الحذر
وانك تشكو مما أشكو واحذر =وكأني من النار بالرمضاء استجر
خطىً كُتبت علينا، وعليها إلى حتفنا نسِر=وما يجبرنا على المر إلا الذي هو أمر
فقال شكراً على مواساتي أخي النسر=وأسأل الله، ألا يزري بك الدهر
فقلت معاذ الله، انه ليس الدهر =بل ما فعله الظلم من صنع البشر
بعدما انتقلوا من البدو إلى الحضر=وامتلأت قلوبهم بالحقد والكِبَر
فأصبحتُ وحيداً بقلبٍ منفطر= كأنما قسمتهُ قاسمةُ الدهر
وأحرق وجنتي الدمع المنهمر=على ما ألاقيه من الجور والقهر
ولا أدري كيف أعبُر هذا الجسر=إلى الضفة الأخرى من النهر
بجسدٍ بالي وجناحٍ منكسر =وأرجلٍ لا أقوى فيهنَ على السير
لأرجع إلى الصحراء طليقاً حر=وأتخلص مما أعانيه من الغدر
بين أناس لا يعرفون للحُرِ قدر=ولا يمدحون إلا الكذاب الأشِر
وشيمتهُم الخيانة والنفاق القذِر=لحساب من قتل وسلب واستعمر
ولا ادري إلى أين المفر=ولا مخرج من معضلةِ إلا دخول القبر
ألا ليت شعري بما فعلوا طول الدهر=من هوانٍ وللكرامة ولوا الدُبُر
ولو انشق السقف من فوقي وخر=واهتزت الأرض وكل شيءٍ حولي دُمِر
أو يُلقى بي مثل يوسف في البئر=وأُسجن ظلماً عند فرعون مصر
ومثل يعقوب من البكاء أفقِد البصر=أهونُ عندي مما ألقى، وبه أمر
إنما بثي وحزني أشكو لمن خلق وقدر=وادعوه وأناجيه في السر والجهر
وبركنه الذي لا يرام ألوذ واستتر=طامعاً برحمته أن يعفو ويغفر
لعبدٍ أضناه البين وطول الهجر=من يوم ولد إلى أخر العمر
وبالوحدانيةِ يا مولاي لك أقر=وخلف حبيبك أسير إليك وأمُر
حتى ألقاك في اليوم الأخِر= وتُدخِلني بعد عفوِك جناتٍ ونَهَر
بجوارِكَ يا مليكٍ يا مُقتدِر=بجاهِ حبيبك المصطفى سيد البشر
والحمد لله على ما قضى ربي وقدر=حمداً كثيراً دائماً مستمر
وصلاةٌ وسلامٌ عدد أوراق الشجر=دائمةً على حبيبي محمد لا تنبتر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق